تطورت المستشفيات –بصفة عامة- في دورها ووظائفها وحجمها وإمكانياتها وتقنياتها وهياكلها وتنظيماتها، وكان للتطور المذهل الذي شهدته العلوم الطبية دور محوري في ذلك.
ولقد اقتضى هذا التطور الكبير في المستشفيات إلى جانب تزايد أعداد المستشفيات إلى ظهور أساليب حديثة في إدارة موارد وإمكانيات هذه المؤسسات الطبية الضخمة المادية والبشرية بما يكفل تحقيق الكفاءة والفعالية المطلوبة.
ونتيجة لهذه الحاجة المتزايدة ظهر علم إدارة المستشفيات كعلم له نظرياته ومقوماته، وتبلور كحقل علمي في مطلع الثلاثينيات الميلادية بالولايات المتحدة في عدد من جامعاتها ابتداء من جامعة نورث ويسترن في شيكاغو وهي أول جامعة تقدم برنامج إدارة المستشفيات وجامعات شيكاغو ومينيسوتا ونيويورك وواشنطن وميتشجن وبيتسبرغ وويسكانسن وغيرها حتى أصبح علم إدارة المستشفيات من العلوم الإدارية الهامة.
وتؤكد البحوث العلمية المتخصصة أن "المستشفى" سوف تظل المحور الرئيسي للخدمات الصحية مستقبلاً الأمر الذي يتطلب وبالضرورة توافر إدارة علمية إبداعية تتفق والمتغيرات السكانية المتوقعة كماً ونوعاً وتتلاءم مع المستجدات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية، وتستطيع مواجهة التحديات المنتظرة.
إن مواجهة التحديات الآنية والمستقبلية تتطلب تحولات مدروسة في كيفية إدارة وتشغيل المستشفيات، تتطلب تقنيات إدارية حديثة تحقق تطورات فعالة في الجودة والكفاءة والفعالية والمناخ التنظيمي المطلوب ورضا المراجع والإنتاجية والموارد البشرية والإبداع والربحية وإدارة التغيير.
ومن أبرز التحديات التي تواجه المستشفيات اختلال التوازن بين إيراداتها وتكاليف خدماتها، ففي وقت تتناقص فيه إيرادات المستشفيات بصورة واضحة تتزايد في تكاليف تشغيلها تزايداً هائلاً وسريعاً ومتواصلاً.
وباختصار نستطيع القول أن المستشفيات اليوم بحاجة إلى "هندرة" تمكنها من مواكبة المتغيرات والتكيف مع المستجدات بالموضوعية العلمية المطلوبة.
ولقد ركزت منظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية متخصصة على أهمية إدارة المستشفيات كعلم متطور، وكممارسة مهنية بات لها أهميتها البالغة في إدارة المستشفيات العصرية.
إن المكتبة العربية عموماً تفتقر إلى مؤلفات باللغة العربية تتناول إدارة المستشفيات ومن هذا المنطلق نبعث فكرة إصدار هذا الكتاب ليكون مرجعاً للدارسين والعاملين في مجال إدارة الخدمات الصحية، وبصفة أساسية في مجال إدارة المستشفيات. ولأهمية التطبيق فلقد حرصنا على تضمين الكتاب تطبيقات على واقع المستشفيات وإداراتها في المملكة العربية السعودية.
ولقد راعينا في الكتاب أن يكون سهلاً ومبسطاً يسهل فهمه واستيعاب مضامينه، ولقد تم تقسيم الكتاب إلى ثلاثة أبواب :
الباب الاول : بعنوان (المستشفيات) ويتضمن ثلاثة فصول، الفصل الأول يتناول التطور التاريخي للمستشفيات من الحضارات القديمة إلى العصر الحديث، كما يتناول هذا الفصل تعريف المستشفى وطبيعتها وتصنيف المستشفيات وبيئة المستشفيات. ويتناول الفصل الثاني وظائف المستشفيات، أما الفصل الثالث فيتناول المستشفيات في المملكة العربية السعودية، تاريخها وتطورها النوعي والكمي واساليب إدارتها ومستقبلها.
أما الباب الثاني فهو بعنوان (إدارة المستشفيات) ويتناول في الفصل الأول تعريف إدارة المسشفيات، نشأة إدارة المستشفيات، طبيعة الإدارة في المستشفى ثم موضوع قياس كفاءة استخدام المستشفيات. أما الفصل الثاني فهو بعنوان : الاتجاهات الحديثة في إدارة المستشفيات ويتضمن : الإدارة بالأهداف في المستشفيات، الإدارة بالجودة الشاملة في المستشفيات، هندرة المستشفيات. ويتناول الفصل الثالث من هذا الباب وعنوانه بدائل تمويل المستشفيات العامة : خصخصة المستشفيات العامة والتأمين الصحي.
أما الباب الثالث : بعنوان (وظائف إدارة المستشفيات) ورغم أن لوظائف الإدارة عناصر عدة، منها: التوجيه والاتصال والتوظيف والتدريب، إلا أننا اقتصرنا هنا على تناول أهم عناصر العملية الإدارية، لا سيما للمستشفيات، وهي التخطيط والتنظيم والقيادة والتنسيق والرقابة، حيث يشمل هذا الباب خمسة فصول، الأول بعنوان التخطيط في المستشفيات ويتناول عملية التخطيط في المستشفى أهميته وأنواعه ومراحله، ويتضمن الفصل الثاني تنظيم المستشفى، بمبادئه وعناصره وأنواعه وخطواته وهيكلته.
أما الفصل الثالث فيتناول القيادة الإدارية للمستشفى من حيث يتولاها الطبيب أم الإداري وكذلك مهام وواجبات مدير المستشفي .
ويتناول الفصل الرابع والأخير موضوع التنسيق في المستشفيات من حيث أهدافه وأنواعه ووسائله وفوائده.
أما الفصل الخامس والأخير فلقد خصص لموضوع الرقابة كعنصر هام من عناصر العملية الإدارية من حيث أهدافها وأنواعها ومراحلها ووسائلها.
المــؤلــف
|